المحذوف قبل أن يتكرر

 

ولا أسِّميه،

لولا أنه يتهجاني،

في بياض كامل.

 

دائماً الرجل الخاسر .

أصعد السلم،

وفي يدي رسائل معدةٌ للتأجيل،

بينما أتأمل في الأسفل ابتعادي.

 

الأشجار ، منعطفات السوق، اللافتات غير المقروءة،

لا تعنيني،

ربما سائق الحافلة بلا ذِكْرَيَاْت.

 

لعلني الأحد الَّذِيْ يلي الأحد مباشرة

أو الأربعاء الموصولة بالأربعاء،

في حاجة إلي، كنت [لا أحد]،

مع هذا، سرقوا عدمي !.

 

المقعد، في مظلة انتظار الباص،

وأنت تتكئين إلى إغفاءةٍ بَيْضِاْءَ،

أعنيك ، وأقصدها.

 

دائما الرجل الخاسر،

في يدي مفتاح سجني ،

الشبح ببابي حشد الْمَوْتىْ ،

أو لعله ،

حشد الْمَوْتىْ ببابي.

 

وبعد ثماني سنين قضاها في المصح،

عاد السامري،

ليوقظ أحْلاْمه التي تنام في الباص .

 

خاتمي ذو الفص الأملح،

ساعتي اليدوية المستطيلة،

منديلي الأبيض،

نظارتي الشمسية ،

محفظتي الجلدية السوداء،

علبة سجائري،

أضعها جميعا على الطاولة،

وأخرج للناس، أعزل من حياتي،

حياتي التي تستمر بالتكرار خارجي.

 

يخطئ في تشغيل الدبابة،

لأنه يتذكر ربطة عنقه ،

أفضل من ذلك ،

أن يربي هرة وحيدة،

ولا يحلق ذقنه في الصباح.

 

ما صلة المكتوب بالمحذوف؟

ليس أكثر من:

وتنزل من القوة والقدرة، ولا خلل.

 

وهو لهذا ، نيابة عن الغَاْئب ،

يعاقب الغَاْئبين ،

أو، يزور اليوم الماضي ، بالتالي،

أو، في الْمَسَاْء ،

الغزلان تفشل في استعادة المعلومات.

 

أو، وهذا غير مؤكد،

في البداية ، أنسى يديَّ على الطاولة،

فتزداد أيَّاْم الأسبوع يوماً،

وأحتجُّ.

 

سأشي بي لدي حاضري،

وكان الهواء،

يبارز إمضاءتي في غرفة ضيقةٍ.

 

الزئير المعلب على الطاولة،

قوائم الهاتف تجعلني أكثر حكمة،

مع هذا ،

الصيف ، أكثر عتمة من الصيف ،

 

وجدتها ..!

ليست الشعرة الطويلة بمحفظتي،

الصدفة عزلاء

والطويلة تنحني لرفع جوربها في الطريق ،

 

أو، قد يجيء الراعي في الليل،

يقطع أسلاك الهاتف،

وينجز الثأر ،

آه بماذا أصل العبارة؟

 

مولدة الضوء عجوزٌ في الثانية عشرة،

شابة في الخامسة،

ولم يجدني أحد الحراس في الطابق السابع .

 

ولا تصدق،

الإنسان ليس هو ،

لكنُه

بائع الساعات في القرية يخدعني ،

 

(صوفي مارسو) و(كيم باسنجر)

اصطحبتهما معا إلى السرير ،

ونمت وحيداً!!

سوى نافذة الذكرى،

ثمة ما يتكرر .

 

النهار لي، والْمَسَاْء ربما ،

والتي ستبلغ الخمسين ،

تنتظر في صورتي ،

ولا تربي ندمي .

 

تحت سماء التاجر ،

موسيقى عارية تماماً وعزلاء أيضا،

تجلد العميان ،

وسيقان  طويلة وشقراء، تكتب جثتي ،

 

في وجه طفل ملوث بالذكرى،

ربما

لكن المصعد واقف خارج المسرح .

 

 

فخ بعيد، بعيد عن المناديل الملونة والأجساد العارية، اسميه السكوت في اعتراف يخصني تماما، فخ يكفي لا لهاء أعمى يدخل متحف أحْلاْم نائمة، أو جريح يخرج من مصعد معطل، تاركا أحذية نسوية لا تعود إلى أحد في الحديقة،  فخ بعيد عن الحرية التي ترقص في صالة سوداء وتشير إلى الجالس تحت غيمة من السياط التي تسترد أحْلاْمها منا، وهو ـ أي الفخ ـ مما لا يحق لي الإمساك به كي لا يهرب نحو رسائلي إليكم، رسائلي التي تستخدمونها مناديل لاستدراج الغيمة في الصحراء، وهو ـ أي السكوت ـ لي حين يمر أمامي الجريح الأعمى .

لقد رأيت القطيعة في إحدى مرايا البيت، القطيعة التي تخلت نهائيا عن الأقنعة المتورمة، حينما تستأجرون رسائلي، خذوا أصابعي واتركوا لي خاتمي كي يحق لي أن أدير عنقي، فالحصاد الناقص يستمر بالتكرار، وأنا منذ أول النمو، استمر في مراقبة المزارعين الَّذِيْن يجهلون متعة الخطأ الوحيد، استمر منذ أول الاختلاف في الدفاع عن نظارة النسيان التي  تحبس عيني عن سعادة الطقس الَّذِيْ يسابق عدّاءه ذات شعر طويل. ولا أقيس  ضجة الهواء بالجنازة التي تلوح للمحارب، لا أجيد الوقوف أمام حريق يدافع عن جثة النسيان ، النسيان الَّذِيْ يصطحب النِّسَاْء والأصدقاء إلى جرس نادم .

 اللحظة التي ما تزال تغرد على كتفي وأنا واقف في الظل مروحةٍ ، نادمة ٌ أيضاً ، والنِّسَاْء أيَّاْم لا يحق لي تكرارها، في سخونة الصمت أوفي الْكَلاْم الَّذِيْ هو وشاية بالأحْلاْم لدى السيد السكوت ،إذن الفشل استمر في التكرار،أو استمرَّ في البطولة غَاْئب عن وشاية تدفع إلى النسيان بتاريخ ٍ ناقص الأبناء، ولا يزال أحد القتلى يدخل الصالة بعين تعود إلى أحد القتلى ،على أن الكنائس وهي تربح ، لا شخص في الطريق ثمة أكثر من الطريق أو طريق كثير يشبهه، ولا يسع السبت يوم يناقش السباحة الجميلة في محل لبيع الأحذية، أو يرافق الأرملة إلى العيادة، أو يستمع إلى عصابة تحتج لدى موظفة البريد، أو يصرف الاسم إلى الفعل ولا يحذف الخوف ،أو أكاد تنكرني يدي أمسك بالرَبِيْع الناقص وأبتسم في شارع به جثة لا تشير إلى قاتلها، أكاد، يعرفني المقتول،أنسى نظارتي فوق طاولة الطبيبة الشقراء، وأتلقى مكالمة من الخارج في نزهة بحرية مع أحْلاْمي.

 هذا ما يخصني، وحيد بذكرى لا شأن لي بها، وأحْلاْم يربيها سواي، لا شأن لي بها ، وهواء يسود في غابة شقراء لا شأن لي به.          

النهار كاسد ، والكُلَّمَاْت الملوثة تتسابق للحضور خارج البياض ، ملابس النِّسَاْء، واجهات المحلات ،الباصاتوأعدُّ الرماد للسطو على قارب الملح وإغلاق السواد على غيم كثير.اللحظة شيخ يتنازل عن عصاه، فأشاهد الغَاْئب نيابة عني، والأولاد يعطشون نيابة عني، والسجان أصفادي التي تدخل المبنى نيابة عني، وأشاهد السبايا في الباص، يغادرن أيَّاْمهن ،أو في الكليات يخلعن قمصانهن،أو في السوق ينابزن باعة السمك، وأصغي إلى ذهب أحمر يهطل من لحم مشمس في رَبِيْع مفقود.

أنا المحذوف بالتكرار لكنهم راسخون في التقويس ،أسماؤهم مطري، وأعيادهم ندمي، والمزارع صفقت لي، خاسراً، أهلاً بالسعة التي نجت مني، أهلا ً بالفضة التي تلتهم الفرق بين الصحراء والسوق،السوق التي لم أعد أرى فيها العباءات السود لأصرخ: يا أمي، والصحراء التي لا تطيق محادثة الشتاء في شارع محجوز لأحْلاْم لا تتم، أشاهد الغَاْئب نيابة عني بينما اللذة بصحبة البكاء تخلع قفازها في الباص وتغادر الحَيَاْة المكتوبة على لافتة سوداء بعد موت المحكي عنه ونزول الضيف من حصان محرّف كذلك سيرة المحذوف محرفة بالتكرار. إذن امِرْآة تمسك بحقيبتها بنهايات أصابعها وتعدل زنارها باليد الأخرى، هي غير التي تتأبط الحقيبة وتترك الحزام الجلدي ليفصل ما بين نهديها، وأشاهد الغَاْئب نيابة عني فأستبدل الرَبِيْع بالرَبِيْع لأجل رَبِيْع يلي أحدهما وأوقف السواد الَّذِيْ يتشافه معي خارج العتمة، أو أورِّط  العبد في جباية الذكرى بينما أستمع إلى وصية النائم للنائم وأزج بأحْلاْمي في سعادة الهروب (الهروب ندم ناقص يتم بي ) من الَّذِيْ أوصى إلى النائم ؟ النوم خدعة الذهاب إلى الوظيفة الساكتة أو النوم كتابة الصمت على جسد يثرثر، وحيدا ولن أجيء في الْكَلاْم الزائر التالي

مستعد غدا لإيواء أقماري المهزومة في حقيبة مع أدوات الحلاقة والملابس الداخلية وبدلة الحرب.

مستعد غدا لإطفاء أعيادي التي لم أجدها في الشراء المؤجل أوفي ابتسامة كاتب الإدعاء الَّذِيْ يؤمم الهواء المتصل بالساعة السابعة و(الموجود المتأخر )المتصل بسيد القلعة المرتشي الَّذِيْ يرمي سبعة غَاْئبين في مستنقع بارد ويأمر بإحراق أيَّاْمي أمام حفل كاذب.

 

 

بغداد

أواخرـــ1988ــــ  

عودة الى غير منصوص عليه